واشنطن بوست: البيت الأبيض أعطى دعمه الضمني لأجندة بن سلمان وقلق مبطن من “تهوره” وجر الرياض الى الهاوية
30 يونيو، 2016
350 14 دقائق
يمنات – وكالات
قال صحفي أميركي بارز إن ادارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أعطت دعمها لأجندة “الاصلاح” لولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لكنه أشار في الوقت عينه الى تخوف الأميركيين من أن سلوك بن سلمان قد يجر الرياض الى الهاوية، وتحدث عن عدد من التحديات التي يواجهها بأجندته الاصلاحية كمعسكر محمد بن نايف والمؤسسة الدينية.
كتب الصحفي الاميركي المعروف “David Ignatius” مقالة مطولة نشرت في صحيفة “واشنطن بوست” بتاريخ الثامن والعشرين من حزيران/يونيو الجاري رأى فيها لزوم فهم السياسات الداخلية في السعودية في ظل الاوضاع المتوترة في الشرق الاوسط، حيث رأى أن تعزيز قوة السعودية قد يشكل فارقاً كبيراً، وتراجعها قد يؤجج الفوضى.
وكشف الكاتب أن الرئيس الاميركي باراك اوباما قد أوصى مستشاريه بتجنب الظهور كمن يأخذ طرفاً في الصراع الداخلي السعودي، الا انه لفت بالوقت نفسه الى ان اجتماع اوباما بولي ولي العهد محمد بن سلمان في السابع عشر من حزيران/يونيو الجاري ربما يعني ان اوباما اعطى دعمه الضمني لاجندة “الاصلاحي” (ابن سلمان).
ونقل الكاتب عن عدد من الخبراء في الملف السعودي الذين التقوا ابن سلمان بانهم يعتقدون انه قادر على اعادة بناء السعودية وجعلها دولة اكثر دينامية واكثر قدرة على حماية امنها وامن جيرانها. غير انه اشار ايضاً الى تخوف العديد من ان ابن سلمان قد يجر بلاده الى الهاوية عبر سلوكه الذي وصفوه بانه يكون “متهورًا” أحيانا.
كما قال الكاتب ان الولايات المتحدة معنية بشكل كبير بما سيحصل داخل المملكة، مضيفاً ان الرياض وطوال اكثر من خمسين عاماً شكلت حليفا استراتيجيا أساسيا، لكنها مصدر قلق ايضاً. وهنا أشار الى أن المملكة شريكة في الحرب ضد الارهاب وفي المقابل فإن العقيدة “السلفية” السعودية هي التي تلهم العديد من المتطرفين.
الكاتب تابع أن “الاصلاحي” الذي قد يضع السعودية على سكة اكثر حداثة واستقراراً ربما سيغير الوضع بالكامل بالنسبة للولايات المتحدة والعرب. وقال أنه قد يشجع “عصر نهضة” في العالم السني العربي الذي عانى من الحروب الاهلية والارهاب والكراهية الطائفية، مضيفاً ان هذا هو وعد محمد بن سلمان. غير انه حذر في الوقت نفسه من ان الخطر يكمن بأن سلوك بن سلمان قد يتسبب بتفجير الوضع داخل السعودية وتفاقم المشاكل.
وحول امكانية نجاح ابن سلمان بتنفيذ اجندته الاصلاحية، تحدث الكاتب عن التحدي المتمثل بولي العهد محمد بن نايف، حيث قال ان بعض الامراء السعوديين الكبار الذين لا يؤيدون اساليب ابن سلمان يقال انهم يصطفون خلف ابن نايف.
ولفت الكاتب الى ان العديد من المراقبين للوضع في السعودية يتخوفون من أن البلد يتجه نحو صراع مفتوح على السلطة بين بان سلمان وابن نايف، مشيراً الى ان ذلك يضع الولايات المتحدة في موقف صعب، اذ تريد الاخيرة الحفاظ على علاقات ودية مع كلا الرجلين.
كذلك قال الكاتب ان القائد العسكري لدولة الامارات الشيخ محمد بن زايد كان من “معلمي” ابن سلمان، وان ابن زايد رأى فيه وكيلا من أجل التغيير في السعودية. ولفت الى ان المسؤولين الاماراتيين شجعوا افكار ابن سلمان حول الاصلاح، واقترح البعض منهم الاستعانة بشركات استشارية مثل “McKinsey and Co” و”Boston Consulting Group”، وهي شركات تتعامل معها دولة الامارات.
وحول الحرب في اليمن، أشار الكاتب الى أن المسؤولين الاميركيين شككوا منذ البداية بالحرب على اليمن وكذلك الامر بالنسبة لمحمد بن نايف، اذ يقال ان الاخير يتخوف من ان الحرب هذه قد تقوي “القاعدة” و”داعش”.
كما تحدث الكاتب عن “ضربة حاسمة” جاءت أوائل شهر ايلول/سبتمبر عندما قام الملك سلمان وبناء على طلب ابنه سلمان، بطرد سعد الجبري الذي كان لمدة أعوام أقرب المستشارين لمحمد بن نايف. وكشف نقلاً عن مصدر اميركي بان الجبري كان في زيارة شخصية الى الولايات المتحدة وقرر حينها الاجتماع بمدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية “John Brennan” دون ان يطلع الملك سلمان على هذا الاجتماع، ما ادى بالتالي الى ازاحة الجبري من منصبه.
ولفت الكاتب الى أن ابن نايف ومنذ أشهر كان يخشى من أن وكيل السعودية في اليمن والذي هو حزب الاصلاح، يقاتل من الناحية الفعلية الى جانب “القاعدة” و”داعش”، مضيفاً ان ابن نايف نجح مؤخراً بادخال بعض التغييرات على الاستراتيجية السعودية في اليمن بحيث يتم استهداف “القاعدة” ومتطرفي “داعش” بشكل اكثر فاعلية، حسب زعمه.
الكاتب قال ان “مغامرة” ابن سلمان يبدو أنها تنتهي، ومنبهاً الى أن السعوديين بدأوا بشهر نيسان/ابريل مفاوضات مع “الحوثيين” في الكويت والى ان الولايات المتحدة قامت برعاية اتصالات اضافية بين الجانبين المتخاصمين عبر القنوات الخلفية. كما كشف بان المسؤولين الاميركيين والسعوديين والاوروبيين يرجحون التوصل الى هدنة عبر التفاوض وليس الانتصار “المجيد” الذي ربما اراده ابن سلمان.
كذلك لفت الكاتب الى ان ابن سلمان حاول الترويج لبرنامجه الاصلاحي خلال زيارته الولايات المتحدة، لكنه نبه الى ان السؤال الاهم هو ما اذا كان يستطيع ابن سلمان تغيير التحالف بين آل سعود والمؤسسة الدينية السعودية، مضيفاً ان هذا التحالف جعل الدولة السعودية اضعف.
ولفت الكاتب ايضاً الى ان ابن سلمان يبدو محترساً، اذ لا يريد ان يعطي المتطرفين الدينيين هدفاً سهلا من خلال التحرك السريع. كما كشف بان ابن سلمان يقول امام مستشاريه بانه يمكن التغلب على الزعامة الدينية في السعودية “لكن ذلك يتطلب شجاعة”.
وفي الختام قال الكاتب ان السعودية لن تصبح ابداً دبي، لكنه اضاف ان ادارة اوباما يبدو انها توافق الرأي بان اجندة ابن سلمان الاصلاحية يقدم الفرصة التي تحتاجها السعودية. كما اشار الى ان المسؤولين الاميركيين يأملون بعدم تسرع ابن سلمان كي لا ينفجر الوضع في الداخل.